نقلا عن شبکة الجزیرة الاخباریة – توطدت العلاقات بين طهران وفنزويلا في حقبة الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل أن تتعزز في حكومة خلفه حسن روحاني، إلا أنها تطورت إلى تعاون إستراتيجي بتوقيع الرئيس الإيراني الحالي إبراهيم رئيسي ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو في عام 2022، خطةً للتعاون الشامل على مدى 20 عاما.
ومع اشتداد العقوبات الأميركية على كل من إيران وفنزويلا، وتسببها في تراجع صادرات طهران من النفط وتعطل عدد من مصافي كراكاس، وجد البلدان في قطاع الطاقة ملفا مشتركا لتعزيز التعاون الثنائي من أجل تجاوز الضغوط الخارجية وإنقاذ قطاع النفط الذي يمثل الشريان الأساسي لاقتصاديهما.
وفي إطار خطة التعاون الإستراتيجي، اتفق الجانبان الإيراني والفنزويلي على تعزيز شراكتهما في قطاعي النفط والبتروكيماويات بما في ذلك تصدير الخدمات الفنية والهندسية وتصنيع ناقلات النفط وإصلاح وصيانة المصافي الفنزويلية وإرسال طهران شحنات نفط إلى حليفتها في أميركا اللاتينية لتعويض عجز الأخيرة في الإنتاج.
قطاع الطاقة يستحوذ على حصة الأسد
ومنذ توقيع الاتفاقية الإستراتيجية بين إيران وفنزويلا، كثفت دبلوماسية طهران مساعيها لتعزيز أوراقها بمواجهة الضغوط الأميركية، واتخذت مظاهر اقتصادية منها افتتاح متاجر إيرانية في كراكاس وتدشين رحلات جوية مباشرة وخط ملاحة بحري بهدف دعم التجارة بين البلدين، وتصدير السيارات الإيرانية ومقايضة النفط الإيراني الخفيف والغاز الطبيعي المسال مقابل الخام الفنزويلي الثقيل، إلى جانب "مشاريع دفاعية" لم تعرف طبيعتها بعد.
وفي إطار زياراته الدورية إلى فنزويلا، التقى وزير النفط الإيراني جواد أوجي، الخميس الماضي، نظيره الفنزويلي بدرو رافاييل تيليشيا، وبحث معه "تعزيز العلاقات في مجال الطاقة".
وتأتي زيارة أوجي المتواصلة إلى كراكاس، بعد أشهر فقط من زيارة سابقة أعلن إثرها عن إطلاق أول مصفاة إيرانية عابرة للحدود باسم "إل باليتو" في فنزويلا بطاقة تكرير 100 ألف برميل من النفط الخام يوميا وأن طاقتها الإنتاجية ستبلغ 140 ألف برميل في اليوم مستقبلا.
من ناحيته، يقرأ رئيس نقابة مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات حميد حسيني، زيارات وزير النفط الإيراني الدورية إلى فنزويلا في إطار التعاون النفطي المتنامي بين طهران وكراكاس، موضحا أن مجال الطاقة يستحوذ على حصة الأسد في الاتفاقية الإستراتيجية الموقعة بين البلدين.
هواجس مشتركة
وأوضح حسيني -للجزيرة نت- أن طهران وكراكاس وقعتا العام الماضي على عدد من الوثائق والاتفاقات لتطوير حقول النفط والغاز وتجديد المصافي وإعادة تصدير النفط والبتروكيماويات والمنتجات النفطية، مؤكدا وجود مشاريع إيرانية كبيرة للطاقة في فنزويلا تستدعي قيام مسؤولي البلدين بزيارات مكوكية بينهما.
ولدى إشارته إلى العقوبات الأميركية المفروضة على كل من كراكاس وطهران، يؤكد حسيني أن بلاده تبذل أهمية كبيرة لعلاقاتها التجارية مع فنزويلا انطلاقا من هواجس البلدين المشتركة، مؤكدا انتهاء عمليات تجديد وصيانة مصفاة إل باليتو الفنزويلية على يد الفنيين الإيرانيين وبدء الانتاج فيها، موضحا أن المواد الخام اللازمة لتغذية هذه المصفاة يتم شحنها من إيران.
واعتبر رئيس نقابة مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات، أن التعاون الإيراني الفنزويلي في مجال الطاقة يمكّن طهران من الالتفاف على العقوبات الأميركية والحصول على سيولة نقدية خارج إطار الضغوط الأجنبية، وعبّر عن اعتقاده بأن المحاولات الرامية إلى التقارب بين واشنطن وكراكاس والتعاون النفطي بينهما لن يؤثر على التعاون النفطي بين بلاده وفنزويلا.
من ناحيته، أوضح الباحث الاقتصادي محمد حسين سيف اللهي، أن بلاده تتابع خطة محكمة عابرة للقارات للالتفاف على العقوبات الأميركية والتوسع في أسواق جديدة من خلال شراء حصص كبيرة في مصافي التكرير بفنزويلا، ما يوفر عليها زيادة صادراتها من الخام وبيع منتجاتها النفطية في أسواق أميركا اللاتينية.
وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر سيف اللهي شحنات النفط الإيرانية إلى فنزويلا تحديا للعقوبات الأميركية الرامية إلی تضييق الخناق على صادرات النفط الإيراني، مؤكدا أن كراكاس تقوم بعرض مشتقاتها النفطية والبتروكيماويات المنتجة من البترول الإيراني في أسواق الولايات المتحدة ما يعني فشلا ذريعا للعقوبات الأميركية، فضلا عن توفير العملة الصعبة لطهران.
وخلص الباحث الإيراني، إلى أنه رغم القيود الأميركية فإن بلاده تمكنت من مضاعفة صادراتها النفطية من خلال إيجاد منافذ بديلة منها شحن النفط إلى فنزويلا التي تمتلك أكبر احتياطيات مثبتة من النفط الخام في العالم، واتباع الجانبين إستراتيجية المقاومة في مواجهة "القوى المتغطرسة".
وكان الرئيسان الإيراني إبراهيم رئيسي والفنزويلي نيكولاس مادورو، أكدا على هامش حفل توقيع اتفاق الشراكة الإستراتيجية، في يونيو/حزيران الماضي، "إخفاق سياسة فرض العقوبات" وأن إستراتيجية طهران وكراكاس قائمة على الصمود في مواجهة "العدو".
المصدر : الجزيرة