مع زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، كشفت الإحصاءات الرسمية عن تراجع المبادلات التجارية بين البلدين بالنصف تقريبا منذ عام 2011.
فقد نشر موقع "إيكو إيران" (Ecoiran) الاقتصادي مقالا تحت عنوان "إيران وسوريا شركاء في السياسة دون الاقتصاد"، موضحا أنه لا يمكن القبول بمستوى العلاقات الاقتصادية الحالية بين البلدين؛ إذ إن حصة طهران من اقتصاد سوريا لا تتجاوز 3%، كما أن الجمهورية الإسلامية ليست ضمن الدول الست الأوائل في قائمة شركاء دمشق التجاريين.
التبادل التجاري بين البلدين
وأظهرت الإحصاءات الرسمية أن صادرات إيران غير النفطية إلى دمشق سجلت 147 ألف طن، بقيمة 243 مليونا و168 ألفا و533 دولارا خلال العام الإيراني الماضي (انتهى في 20 مارس/آذار الماضي).
وتظهر التقارير الرسمية أن الصادرات الإيرانية إلى سوريا خلال العام الإيراني المنصرم سجلت ارتفاعا بنسبة 10.6% في الوزن، و11.4% في القيمة، مقارنة بالعام الذي سبقه.
وردا على سؤال للجزيرة نت، كشف روح الله لطيفي المتحدث باسم لجنة العلاقات الدولية وتنمية التجارة في "الدار الإيرانية للصناعة والتجارة والمناجم"، أن واردات بلاده من سوريا خلال العام الإيراني الماضي كانت 215 ألف طن، بقيمة 28 مليونا و500 ألف دولار.
موانع التجارة بين البلدين
وأوضح لطيفي أن قيمة الصادرات الإيرانية إلى سوريا تراجعت من مليارين و476 مليونا و608 آلاف دولار في الفترة الممتدة بين 2001 و2011، إلى مليار و881 مليونا و588 ألف دولار بين عامي 2011 و2022.
ويؤكد لطيفي أن الأسباب الرئيسية لتراجع المبادلات التجارية بين بلاده وسوريا خلال العقد الأخير هي: الحرب ووجود القوات الأجنبية على الأراضي السورية وتوقف النقل البري في بعض الممرات إلى سوريا وتفشي جائحة كورونا.
وفي السياق نفسه، يرى الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية السورية المشتركة حسن شمشادي أن هناك سببين جوهريين يقفان عائقا أمام تنمية التعاون الاقتصادي بين طهران ودمشق، هما: مشكلة التحويلات المالية بين البلدين، إلى جانب توقف العمل في الخط البري الذي يربط إيران بسوريا ولبنان عبر العراق.
حجم الاستثمار
وأفادت وكالة أنباء "إرنا" (Irna) الرسمية، في تقرير تحت عنوان "العلاقات السورية الإيرانية.. أبعادها الإستراتيجية"، أن طهران استثمرت في 4 مشاريع اقتصادية منذ 1991 إلى 2005، بتكلفة بلغت أكثر من 5 مليارات ليرة سورية (ما يعادل مليارا و990 مليون دولار).
وخلال الفترة الممتدة بين عامي 2006 و2010، استثمرت إيران في 7 مشاريع بتكلفة استثمارية بلغت أكثر من 20 مليار ليرة سورية (ما يعادل 7 مليارات و960 مليون دولار)، كما أعلن مسؤولو الدولتين عام 2006 عن خطط لتوسيع مشاريع إيرانية في سوريا بقيمة 10 مليارات دولار على مدى السنوات الست التالية.
ووفقا لتقرير وكالة أنباء "إرنا" الرسمية، فإنه "بعد اندلاع الأزمة في سورية وقعت طهران ودمشق عام 2019، 11 اتفاقية تعاون في المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية والاستثمار والإسكان"، لكن دون الإشارة إلى حجم الاستثمارات في الوقت الراهن، ولا سيما الاستثمارات السورية في إيران.
من ناحيته، يعتبر الباحث في الاقتصاد السياسي بيمان يزداني أن حجم الاستثمار الحالي بين بلاده وسوريا لا يرتقي للمستوى المنشود، معبرا عن أمله في أن تشكل زيارة رئيسي إلى دمشق نقلة نوعية في التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين.
فرص واعدة
وفي حديث للجزيرة نت، يقول يزداني إن الجانب السوري فرض حظرا على استيراد العديد من البضائع لتوفير العملة الصعبة بسبب العقوبات الأجنبية والحرب التي استمرت طوال العقد الماضي، مستدركا أن عددا من الشركات الإيرانية استثمرت خلال الفترة الماضية في مشاريع الطاقة والبنى التحتية بسوريا.
ويرى يزداني أن توقيع الطرفين مذكرات تعاون للاتفاق على تشكيل مصرف مشترك خلال زيارة رئيسي إلى دمشق، من شأنه حلحلة مشكلة التحويلات المالية، كذلك ستفتح مرحلة إعادة الإعمار في سوريا فرصة كبيرة أمام الشركات الإيرانية للاستثمار في سوريا.
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ونظيره السوري بشار الأسد وقعا الأربعاء مذكرة تفاهم لتعاون إستراتيجي شامل وطويل الأمد، يشمل مجالات عدة من بينها الزراعة والسكك الحديدية والطيران المدني والنفط والمناطق الحرة.
وخلص الباحث الإيراني إلى أنه يتوقع تنمية التعاون الاقتصادي بين طهران ودمشق خلال الفترة المقبلة، انطلاقا من اتفاق الجانبين على التعاون في العديد من المجالات مثل: